سورة الحج - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلآَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني أنه إذا حدّث نفسه ألقى الشيطان في نفسه، قاله الكلبي.
الثاني: إذا قرأ ألقى الشيطان في قراءته، قاله قتادة ومجاهد، قال الشاعر:
تمنى كتاب الله أول ليله *** وآخره لاقى حمام المقادِرِ
{مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ} فيه قولان
أحدهما: أن الرسول والنبي واحد، ولا فرق بين الرسول والنبي، وإنما جمع بينهما لأن الأنبياء تخص البشر، والرسل تعم الملائكة والبشر.
والقول الثاني: أنهما مختلفان، وأن الرسول أعلى منزلة من النبي.
واختلف قائل هذا في الفرق بين الرسول والنبي على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الرسول هو الذي تتنزل عليه الملائكة بالوحي، والنبي يوحى إليه في نومه.
والثاني: أن الرسول هو المبعوث إلى أُمَّةٍ، والنبي هو المحدث الذي لا يبعث إلى أمة، قاله قطرب.
والثالث: أن الرسول هو المبتدئ بوضع الشرائع والأحكام، والنبي هو الذي يحفظ شريعة الله، قاله الجاحظ.
{فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} أي يرفعه
{ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ ءَآيَاتِهِ} أي يثبتها، واختلف أهل التأويل فيما قرأه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك على أربعة أقاويل:
أحدها: أنه ألقاه الشيطان على لسانه فقرأه ساهياً.
الثاني: أنه كان ناعساً فألقاه الشيطان على لسانه فقرأه في نعاسه قاله قتادة.
الثالث: أن بعض المنافقين تلاه عن إغواء الشيطان فخيل للناس أنه من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حكاه ابن عيسى.
الرابع: إنما قال: هي كالغرانيق العلا- يعني الملائكة- وأن شفاعتهم لترتجى، أي في قولكم، قاله الحسن.
سبب نزول هذه الآية ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه سورة النجم. قرأها في المسجد الحرام حتى بلغ {أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: 19-20] ألقى الشيطان على لسانه «أولئك الغرانيق العلا. وأن شفاعتهن لترتجى» ثم ختم السورة وسجد. وسجد معه المسلمون والمشركون ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، ورضي بذلك كفار قريش، وسمع بذلك من هاجر لأرض الحبشة. فأنكر جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ما قرأه، وشق ذلك عليه فأنزل الله تعالى:
{وَمَا أرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه}.
قوله تعالى: {لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً} فيه وجهان:
أولهما: محنة.
الثاني: اختباراً. {لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي نفاق
{وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} يعني المشركين
{وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} فيه وجهان
أحدهما: لفي ضلال طويل، قاله السدي.
الثاني: لفي فراق للحق بعيد إلى يوم القيامة، قاله يحيى بن سلام.


{وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} يعني في شك {مِّنْهُ} من القرآن {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} فيه وجهان
أحدهما: ساعة القيامة على من يقوم عليه من المشركين، قاله الحسن.
الثاني: ساعة موتهم.
{أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} فيه قولان
أحدهما: يوم القيامة، قاله عكرمة، والضحاك.
الثاني: يوم بدر، قاله مجاهد، وقتادة.
وفي العقيم وجهان:
أحدهما: أنه الشديد، قاله الحسن.
الثاني: أنه الذي ليس له مثيل ولا عديل، قال يحيى بن سلام: لقتال الملائكة فيه.
ويحتمل ثالثاً: أن يكون العقيم هو الذي يجدب الأرض ويقطع النسل.


قوله تعالى: {ذلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} الآية، فيها قولان
أحدهما: أنها نزلت في قوم من مشركي قريش لقوا قوماً من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم فحملوا عليهم فناشدهم المسلمون ألا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا فأظفر الله المسلمين فنزل ذلك فيهم، حكاه النقاش.
الثاني: أنها في قوم من المشركين مثلوا بقوم من المسلمين قتلوهم يوم أحد فعاقبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله فنزل ذلك فيهم، حكاه ابن عيسى. ونصر الله في الدنيا بالغلبة والقهر، وفي الآخرة بالحجبة والبرهان.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10